Back to the list

أطفالُ سوق العمل بين المجتمع والقوانين في سوريا

 أطفالٌ بعمر الورود جلّهم ما دون سن الخامسة عشر دفعتهم ظروف الحياة الصعبة المختلفة لترك مقاعد الدّراسة والعمل على أرصفة الشوارع وإشارات المرور لبيع البسكويت والعلكة وغيرها من السلع ...في محافظة السويداء ورغم المستوى الثقافي والمعرفي الجيّد لأبنائها نشاهد حالات عديدة لأطفال تسرّبوا من المدارس في سن مبكرة وتوجّهوا إلى أعمال غير منظّمة ، ظاهرة قد تشكّل خطراً على حياتهم وتعرّضهم للابتزاز والاستغلال والانحراف...يامن ابن 13 عام نزح من قرية حرّان بسبب الحرب إلى المدينة، ظروفه الصعبة وفقدان والده جعلت منه معيلاً لأسرته ، وهو الآن يعمل في محل للأدوات المنزلية ويشعر بالنّدم لترك المدرسة لكنّه مجبرٌ على مساعدة عائلته ولا مانع لدية من العودة إلى الدّراسة ... 

حال رعد ليس بالأفضل فقد ترك المدرسة مرغماً منذ سنة ليعمل ويساعد والده حيث يقول :العبء على والدي كبير لهذا السبب كان علي ترك المدرسة لأساهم في مصروف المنزل، عائلتي مكوّنة من 7 أفراد ومع وجود كل هذا الغلاء وما يجنيه والدي لا يكفي لسد حاجياتنا من مأكل وملبس ودواء ..."لم أكن أتمنى يوماً أن يترك ابني جواد المدرسة ولكن الظروف الصعبة والقاسية التي واجهتنا أجبرته للتوجه للعمل لتأمين مستلزمات الأسرة المكونة من ثلاث شقيقات وزوجي الذي لديه إعاقة جسدية ومشاكل صحيّة "هذا ما تقوله أم جواد ربّة منزل الخمسينية مضيفة: ولدي جواد عمل في مستودع للأدوية ثمّ في البناء وحاليّاً ببيع الفواكه والخضراوات في السوق وقلبي ينفطر عليه وعلى مستقبل شاق ينتظره لكن ليس باليد حيلة ...السيّدة أم فداء المصابة بشلل برجلها وليس لها معيل وأصعب ما حصل معها ترك ولديها فداء 13 عاماً وإباء 10 أعوام المدرسة من أجل العمل وذلك رغم طراوة عوديهما وهزل جسديهما كما تقول ...وآخر إحصائية لعدد المتسربين من المدارس بالسويداء وصلت إلى 2311 متسرّباً وذلك بحسب رئيس دائرة التعليم الإلزامي في مديريّة تربية السويداء "جهاد حلاوة "الذي يبين أيضاً أن هذه الإحصائية ليست ثابتة بل تتغير تبعا ً للظروف فقد تزداد أو تقل ...خطوات للحد من هذه الظاهرة تعمل عليها مديريّة تربية السويداء وتتضمن وفقاً لحلاوة البدء بإنذار ولي أمر الطالب لتبيان سبب غيابة عن المدرسة وفي حال عدم الرد بعد مرور ثلاثة أسابيع كحد أقصى يتم رفع الطالب تسرّب ثم زيارة أسرته من قبل مرشدة نفسية وأخصائية اجتماعية لمعرفة الأسباب التي أدت لتسربه والعمل لمعالجتها، وإذا تمنّع ولي الأمر عن التعاون دون سبب يذكر تتم مخاطبة المحافظ وقيادة الشرطة لاتخاذ الإجراءات اللازمة خلال 15 يوماً وفي حال عدم الالتحاق يجري النظر بالدعوة مرّة ثانية...وحالات التسرب الموجودة - كما يوضح حلاوة- غالباً ما يكون سببها الطلاق أو الظروف المادية الصعبة دون إغفال جهل الأهل أحياناً وتقبّلهم لفكرة تسرّب أبنائهم من المدرسة مؤكداً أهمية القانون الإلزامي رقم 7 لعام 2012 الخاص بالتعليم الإلزامي في مرحلة التعليم الأساسي الذي ينص على إلزام جميع أولياء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 15 سنة بالمدارس ...ويبين حلاوة أن هذا القانون يتضمّن عقوبات تطال من لا يلتزم به وتبدأ بتوجيه إنذارات خطية لولي الأمر ثم اقتراح تحريك دعوى الحق العام ضدّه ووقف صرف المعونة الاجتماعية إذا كانت الأسر مستحقّه لها وفرض غرامة مالية مقدارها من 10 إلى 15 ألف ليرة سورية ومضاعفتها في حال تكرار امتناعه عن إرسال ابنه إلى المدرسة كما تشمل العقوبات أيضاً العاملين كلاً حسب مهمته في حال التباطؤ أو إعاقة أو تأخير تنفيذ الإجراءات المطلوبة المتعلقة بمتابعة أولياء الأطفال المنقطعين أو تبليغهم ...ولمديريّة الشؤون الاجتماعية والعمل بالسويداء مسؤولية للحد من هذه الظاهرة حيث تشير رئيسة دائرة الخدمات فيها "أمل مراد"الى تنفيذ العديد من الجولات لرصد حالات الأطفال المتسربين وكتابة تعهّد على أسرهم لإعادتهم إلى مقاعد الدّراسة تماشياً مع عمل جمعيتي البراعم والرّعاية الاجتماعية بهذا الخصوص إضافة لإقامة أنشطة توعويّة وتعليميّة للأطفال في مركز رعاية الطفولة في قرية ريمة حازم حيث بلغ عدد الأطفال المسجلين فيه 71 طفلاً موضّحة أن حالات التّسرّب موجودة في السويداء لكن غالبيتها من الأسر الوافدة التي فرضت عليها الحرب ظروفاً قاسية ...ومن المبادرات الهامة لاحتواء أطفال الشوارع بالسويداء يبرز مشروع سيّار الذي يمثّل إحدى المبادرات التطوعية الهادفة لخدمة وتنمية هؤلاء الأطفال وتحسين أوضاعهم التعليمية والتوعوية وإكسابهم المهارات اللازمة لإعادتهم إلى طفولتهم الحقيقية ومقاعد الدّراسة ...ويسعى المشروع الذي انطلق في محافظة السويداء قبل نحو عام إلى توفير الطاقات والإمكانيات المادية والبشرية لتفعيل جميع الخدمات المطلوبة للأطفال في الشوارع والتخفيف قدر الإمكان من هذه الظاهرة السلبية والتشبيك مع الجهات المعنية لإيجاد الحلول الممكنة لها ورفع مستوى الوعي تجاهها وتمكين الأطفال وإعادة دمجهم بشكل سليم في المجتمع ...يشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتّحدة أصدرت عام 1989 اتفاقية حقوق الطفل التي عرّفت الطفل بأنّه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمرة وأكّدت على ضرورة السعي لحمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجّح أن يكون خطراً أو يمثّل إعاقة لتعليمة أو ضرراً بصحّته أو بنموّه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي وأوجبت على الدّول الأطراف فيها اتّخاذ التّدابير التّشريعيّة والإدارية والاجتماعية والتّربوّية التي تكفل هذه الحماية ...بين المجتمع وشجونه والقوانين ومسؤوليّتها حلقات مفقودة لابدّ أن تتصدى لها بكل جدّية جهات رسمية وأهلية والمجتمع المدني بأكمله ... 


تحرير جيهان صعب

Адвокат, оказываю высококвалифицированную юридическую помощь в соответствии с законами. За многолетний опыт работы выработал свой, уникальный подход к работе с клиентами.

Заголовок

Вы можете выбрать стиль текста, его начертание и цвет

Social Networks

 

­­­­

© 2018 INHR (Registered with the UNITED NATIONS­­ / DESA) 

Office 1